فكما أن سفر وشعيرة الحج لا تتم إلا بهذه الأركان، فكذلك سفر الدنيا، والقدوم على الله تعالى، ودخول جنات عدن لا تتم إلا بأركان و مع الطـــــالبه:.........................
- أركان السفر إلى الجنة.
فالأول: الموت على الإسلام. فبدونه لا يحصل الانتقال، من دار الدنيا إلى دار الآخرة، والدخول إلى الجنة..
ومثاله الإحرام، فما أشبه الإحرام بالموت على الإسلام:
- ففي كليهما يقر الإنسان بالشهادة لله تعالى: المحرم يلبي:"لبيك اللهم لبيك"، والميت يلقن الشهادة: "لاإله إلا الله".
ففي كليهما التجرد من الثياب، والكفن في ثياب بيضاء، غير مخيطة، يلتف بها الإنسان.
- وفي كليهما التطهر، والتنظف، والاغتسال، والتطيب.
- وفي كليهما صلاة تصلى تقربا إلى الله تعالى.
والفرق أن في الإحرام يفعل المحرم كل ذلك بنفسه، أما في الموت فيفعل به كل ذلك إخوانه المؤمنون.
الثاني: التوبة والاستغفار. فبدونها لا يفوز المرء بالجنة، لأن الخطيئة تحيط به من كل جهة، ولا يسلم منها، فإذا لم يحرقها بالتوبة والاستغفار أحاطت به..
ومثالها الوقوف بعرفة في الحج:
- فالوقوف بعرفة: وقوف بباب المولى بطلب الصفح، والعفو، والمغفرة، يمكث الناس طيلة النهار وجزءا من الليل، يستغيثون المولى جل شأنه: أن يتجاوز عنهم، ويعاملهم بفضله وكرمه، وأن لا يؤاخذهم بما ركبوا، وجنوا، واجترحوا. والله تعالى يستجيب لهم في هذا الموقف، فيقول لملائكته: (انظروا إلى عبادي: أتوني شعثا، غبرا، أشهدكم أني قد غفرت لهم).
- (والحج عرفة)، أي أعظم ركن فيه، فمن فاته فلا حج له، وبدون الاستغفار والتوبة يفوت ثواب الرب ورضاه، ويحل غضبه وسخط
فالوقوف بعرفة يذكر بالتوبة والاستغفار الدائمين..
الثالث: تعلق القلب، وملازمة الذكر. فما وصل ولا اتصل، إلا من فرغ قلبه لذكره، وتعلق به حبا، وشوقا، وأنسا، فشرط الإيمان تعلق القلب بالله تعالى، وهو محبته.
- فالطواف لف ودوران، وهو حال المؤمِّل، المتقرب، المحب، المشتاق: يدور حول محبوبه: منزله، وآثاره. المرة تلو المرة، لا يمل، ولا يتعب، ولا ينصرف، حتى ينعم بكلامه، ونظره، ورضاه.
- وفي الطواف يكون الذكر والاستحضار الدائم لمن يطوف له، حيث يفرغ القلب إلا منه، والعقل إلا من التفكر فيه، وفي آلائه، وهو حال الذاكرين الله تعالى كثيرا والذاكرات.
الرابع: الإخلاص والاستقامة على الطاعة.
- فالسعي يكون جيئة وذهابا مرات. وهكذا المخلص يطلب القبول، إن لم يكن في الأولى ففي الثانية، والثالثة.
- والسعي على استقامة. وهكذا طريق الجنة في الدنيا صراط مستقيم غير معوج.
- والسعي فيه طول وصعود ونزول. وهكذا الطريق طويل وشاق، فسلعة الله غالية.
- والسعي فيه سعي شديد بين العلمين. وهكذا الطريق يحتاج إلى مسارعة ومسابقة، في بعضه.
فإذا سعى استدل بسعيه على الطريق، ووصف الطريق، من: إخلاص، واستقامة، وعمل، ومن معنى التلبية: "لييك اللهم لبيك": أنا مقيم على طاعتك، ولازمها، لا أبرح عنها.
|