[align=right][/align]
الجواب
الحمد لله
أولا
يخسر كثير من الناس في التفريط في نعمتين عظيمتين
وهبهما الله تعالى لهم وأمرهم بالحفاظ عليهما ، واستثمارهما قبل
أن يفوتا ، وقبل أن يأتي أجل المسلم ولا ينفعه ندمه ، ولا
تحسره بعدها ، وهاتان النعمتان هما :
الصحة ، والفراغ
فترى ذلك الكثير من الناس ينخدع بصحته وعافيته
ويغتر بقوته ونشاطه ، فيضيعهما فيما لا فائدة فيه .
عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ :
( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ :
شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ
وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ) .
رواه الحاكم ( 4 / 341 ) وصححه الألباني في
” صحيح الترغيب والترهيب ” ( 3355 ) .
والأكثر خسارة هو من يضيعهما في معصية الله تعالى
وفعل المنكرات ، وإن لم يتدارك المسلم الأمر فيغتنم فراغه
قبل شغله ، وصحته قبل سقمه ، وحياته قبل موته :
ليوشكن على ندم وحسرة لا ينفعه بعدها بكاء ، ولا يقبل
الله منه فداء ، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ )
رواه البخاري ( 6049 ) .
قال الإمام بدر الدين العيني – رحمه الله - :
” فكأنه قال : هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي :
فقد غُبن صاحبُهما فيهما أي :
باعهما ببخس لا تحمد عاقبته ، أو ليس له في ذلك رأي
ألبتة ، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته :
ففي زمن المرض بالطريق الأولى ، وعلى ذلك حكم الفراغ
أيضاً، فيبقى بلا عمل ، خاسراً ، مغبوناً .
هذا وقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً للعبادة
لاشتغاله بأسباب المعاش ، وبالعكس فإذا اجتمعا في العبد
وقصَّر في نيل الفضائل : فذلك هو الغبن له كل الغبن ، وكيف لا
والدنيا هي سوق الأرباح ، وتجارات الآخرة ” انتهى .
” عمدة القاري ” ( 23 / 31 ) .
فليحرص المسلم على وقته ، وليعلم أن ما يمضي من أيامه
إنما يقترب به من قبره ونهاية حياته ، فالسعيد من اغتنم
تلك الأيام ، والشقي من ضيعها .
قال الحسن البصري - رحمه الله - :
” يا ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم : ذهب بعضُك “
انتهى .
|