عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-12-15, 08:09 AM   [69]
أثر المطر2

(المخلصة دوماً)

الصورة الرمزية أثر المطر2
 

أثر المطر2 is on a distinguished road
افتراضي

معنى أن تكون معلما... معناه أن تحضر إلى المدرسة صباح كل يوم متأبها لحديث طويل... وتوجيهات طارئة... وإدارة للطوارىء...

أن تقف متأهبا لاشعوريا منذ أول صافرة لا نتظام الطابور..
أن تتحرك عيناك لتعطي صورة مجملة عن التناثر ثم تنادي بالاستجابة السريعة لقطع الحلوى المتناثرة ليقف كل اثنين بجوار بعضهما البعض!... وما أجمل المنظر.... رغم أنه صار يفقد صرامته وانتظامه جيلا بعد جيل...


معنى أن تكون معلما ... ان تراقب ساعتك طوال الوقت ... لكي لاتتأخر عن حصتك .. أو تكف عن استطرادك كي لاينقضي الوقت....ولم تنته بعد....



أن تكون معلما ....أن تتحدث كثيرا ..... أن تكلف باستنطاق الصامتين... أن تعلق..أن تصحح...أن توجه....أن تعزز....أن تتفحص الوجوه .. أن تنقب عن المشاعر.. أن تكون إنسانا قبل كل شيء...


وها انذا اعود بعد عام ونصف من غربة عن هذا العالم.... لأحكي عن أشياء فقدت !..لا أظن أن أحدا يعلم كم تعني للمعلم....

فقدت الانصات!...في صدري أحاديث مكومة... تتراكم يوميا... بدون أن تتاح لها الحريةلتنطلق... لمن أحكي؟؟...
كنت أبث ملاحظاتي وافكاري عن الحياة تنفيسا وقليلا من ارشاد... واليوم.... أمامي هذا الجهاز الصامت ... المتحجر!...
لم أعد أجد أحدا يصغي .....
كانت الحكأيات تنطلق إليهم ارتجالا كثيرا..وقليلا من التخطيط.... استحضرها من خزانة الذاكرة إذا استدعى الموقف...
واليوم.... بعد 15 عاما... ليس في ملكي أن أحكي...حتى أبسط شعور!... وماأكثر ماكنت أدس مشاعري في أحاديثي معهم...

حاولت أن أحكي للورق..لكنه وإن كان متنفسا عن الكلام المحبوس... لكنه ليس حيا!...إنه لايحس!...لايستجيب...لايضحك...لايغضب..لايبتسم...لاي تثائب...لايعلق....لاشيء...لاشيء إطلاقا...
.
.
لاأكتب هذا الكلام تذمرا...أكتبه واقعا ..أخبر به عن عالم جميل فقدته .... كأنه كان حلما... حلما ينبض بالحياة والأمل..

يارب.... وإن من الأماني أن أحيا للتدريس في جنتك بلاحساب ولاعذاب...في فصل تملؤه الأرواح التي أحب...التي كنت أتذكرها في فراغي...فأخرج من غرفة المعلمات مشتاقة...لأطل عليها واراقبها...وأسمع وقع الأقدام وهمهمة الحوارات.. لأطل على الوجوه...أقرأ التعابير...في الوجوه الغضة التي تتدفق فيها نضرة الحياة...
يارب.... وأشرح.....وأفصل....وأجاوب....وأرى الأكف المرتفعة...وأصوات الورق حين تتصفح الدفاتر.... والرؤوس التي تهبط وترتفع لتكتب مادونته على اللوح....
يارب..............(اخلف على كل غائبة لنا بخير...ونسألك الفردوس الأعلى بلاحساب ولاعذاب)

غفر الله لي ولوالدي ومعلماتي وطالباتي...


أحبكم ....أحبكم من قرار الروح...


التوقيع: جَهَلَت عيونُ الناسِ ما في داخلي
. . . . . . . فوجدتُ ربّي بالفؤادِ بصيرا
يا أيّها الحزنُ المسافرُ في دمي
. . . . . دعني, فقلبي لن يكون أسيرا
ربّي معي, فمَنْ الذي أخشى إذن
. . . . . مادام ربّي يُحسِنُ التدبيرا
أثر المطر2 غير متواجد حالياً    رد مع اقتباس